كتابة: عبد الرحمن أبو شلوع
في الثامن و العشرين من أغسطس, استضافت مكتبة الإسكندرية في مسرحها المكشوف حفل موسيقي لفريقي تيليبويتك و ديسؤردر, بالتعاون مع معهد جوتة بالإسكندرية تحت اسم مشروع “موسيقى من هنا”, و ذلك في سياق مهرجان الصيف الدولي الرابع عشر. “موسيقى من هنا” هو عنوان ألبوم تم أصداره يناير الماضي و تم توزيعه بالمجان, الألبوم الأول من نوعه تضمّن ١٥ فرقة من الإسكندرية (أغنية لكل فريق), قد شارك من أعضاء الفرق ما يفوق الخمسين فناناً على مدار عامي ٢٠١٤ و ٢٠١٥ في ورش موسيقية تجمع بين موسيقيين من مصر و ألمانيا.
يتم ختام مهرجان الصيف الدولي الرابع عشر في الثامن من سبتمبر الحالي مع الفنانة سعاد ماسي (الجزائر), حين تم افتتاحه في التاسع و العشرين من يوليو مع الفنان مارسل خليفة (لبنان) بمصاحبة اوركسترا مكتبة الاسكندرية, و قيادة المايسترو هشام جبر. استضاف المهرجان بعض أكبر الفنانين الآخرين بالوطن العربي, ضمنهم علي الحجار و هاني شاكر, مسار أجباري و بلاك ثيما, علي الهلباوي و عمر خيرت, ريما خشيش و تانيا صالح (لبنان) و آخرين ضمن برنامج يتضمن أنواع أخرى من الفنون مثل الأفلام و المسرح و بعض الورش.
يصل أعضاء الفريقين في حدود الرابعة و النصف مساءاً, حين يبحثوا عن ظلّاً ليحتموا من الشمس الحادة و الرطوبة العالية حتى لا يتصببوا عرقاً, و لكن كل حيناً و آخر تأتي نسمة من البحر خلف المسرح لتعطي أعضاء الفرق بضعاً من الراحة. الساعة السادسة إلا ربع, و ساحة المكتبة تمتلأ بأصوات تيليبويتك أثناء أختبار الصوت, و لا تزال الشمس حادة. يتبقى على الحفل قرب الثلاث ساعات, ليبدأ في الثامنة و النصف مساءاً مع فريق ديسؤردر.
تتعدد التشابهات و الاختلافات بين الفريقين, حين ينتمي كلاهما للسكندرية, و يتضمن الفريقين نفس لاعب الدرامز إسلام (سامو) الطويل, كما يعتمد الفريقين على عناصر الكترونية, و الرتمات من خلال لاعبي الباص و الدرامز. تتضح الفروق بين الفريقين في استخدام نفس العناصر أثناء عروضهم الحية, فيقترب تيليبويتك من البوست-روك و الروك التجريبي, حين تتسم موسيقى ديسؤردر برتمات و ألحان أقرب منها للميتال من الروك, مع تواجد العنصر الغنائي -العربي- المفقود في ثلاثي تيليبويتك.
بعد الثامنة و النصف ببضع دقائق, يعتلي أعضاء فريق ديسؤردر المسرح المشكوف, و تنطفئ الأضواء و يهدأ الجمهور و قد ملأ الساحة. يبدأ الفريق في لعب أغنيته الأولى “سما” دون أي كلمات أو تقديم, تبدأ الموسيقى بصوت الكتروني ناعم, جورج عادل على الجيتار و الإلكترونيات هو أحدث أعضاء الفريق, و قد حل مكان يوسف أمير و هو أحد مؤسسي الفريق, أنضم قبله لديسؤردر سامو الطويل مكان عماد سعد.
ترك مصطفى حمادي (ديسؤردر) انطباعاً قوياً على الجمهور, حين كانت الترددات الخاصة بالباص شديدة الطنان و الوضوح, قد تتصف بالترنح أو قوة المخارج. و يمكنني القول أن الباص في تلك الليلة كان العنصر السائد لتلك الحفلة, فصوت دسوقي (باص تيليبويتك) كان يتسم أيضاً بالتميز.
لعب فريق ديسؤردر ثمانية أغاني, حين قضى الفريق حوالي خمسة و ستون دقيقة على المسرح, و كانت الموسيقى سارية لنحو خمسة و خمسون دقيقة, ليكون طول كل أغنية بين ستة و سبعة دقائق. تلحق الأغنية الأولى “سما”, و هي أول أغنية قام الفريق نشرها من ثلاثة أعوام و التي قاموا بإعادة بناءها مع الوقت و مع أعضاء الفريق الجدد, “إحتمال” و هي احدى المؤلفات الحديثة للفريق, و التي بدأ من خلالها الاتجاه لأساليب الميتال عن الروك. بالرغم من توقف الفريق عن نشر المؤلفات الحديثة لهم, فالمؤلفات الحديثة توضح اتجاهاً جديداً للفريق أكثر نضجاً فنياً.
جمهور الحفل كان كبيراً و لكن ليس للغاية, بين مئة و مئتي شخص, و قد قابلت شخصياً بعض أعضاء عائلتي الفريق, من أمهات و آباء, كان الحفل أكثر ألفة من المعتاد, في نهاية الأمر كان هذا هو الجمهور الذي رأى كلا الفريقين أولاً, و الذي صعدا من خلاله لمكانهما الحالي.
يصعد فريق تيليبويتك المسرح في التاسعة مساءاً و أربعين دقيقة. في الأغنية الثالثة لتيليبويتك “كووش”, يقوم أحمد صالح (جيتار و الكترونيات) بقذف بعض السي-ديهات لألبوم “موسيقى من هنا” للجمهور, و ذلك قبل أن يلعب لحناً -سولو- بصوت سينث ليعطي بعداً جديداً للأغنية, في بدايته تكون النغمات الخاصة به أقل ألفة للجمهور, و لكن تمتصها الأذن بعد المرة الثانية لتكوَّن الأغنية من جديد بشكل أعمق للجمهور.